«عندما نتحدث عن الدعاء عادةً یکون الترکیز فقط فی عرض طلب الحاجة أو الحوائج الخاصة إلی الذات الإلهیة بالتضرّع لقضائها، کأنّما یَکفی الدّاعی هذا البعد من الدعاء فحسب، أمّا بالنظر إلی الأدعیة الواردة عن الأئمة الأطهار، نشاهد بوضوحٍ أنّ الشیء الذی إعتنی به المعصومون هو التقرب إلی الله سبحانه وتعالی و تلّقی الأرزاق المعنویة منه. ومن جهة أخری من أهم الملاحظات التی تتطرق لها المعصومون هی المخاوف الإجتماعیة وحل مشاکل الآخرین.
فی هذا المجال، أدعیة وصلوات الصدیقة الطاهرة فاطمة الزهراء(س)، من المصادر الغنیة التی یمکن الرجوع إلیها. ومن ممیزات أدعیة هذه المشکاة المنیرة هی الأدب الخاصّ, الإیجاز مع الجامعیة والکفایة وحل قابلاً للتطبیق. فلذلک تحتاج النساء لحفظ توجههنّ إلی الله تعالی من بین مشاغلهنّ إلی القنوت) ویحتاج الرجال لتقویة ترابطهم وقواهم الإجتماعیة (القوامیة) إلی مثل هذه الثقافة الفضة و کان هذا هو الداعیّ الأصیل فی إعداد هذه المجموعة.
و یمکننا أن نفهم أهمیة الدعاء فی التمتع بالرشد و العلم و المعنویة و الهدایة من خلال الآیتین التالییتین:
وَ قالَ رَبُّکمُ ادْعُونی أسْتَجِبْ لَکمْ إِنَّ الَّذینَ یسْتَکبِرُونَ عَنْ عِبادَتی سَیدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرینَ (غافر/60)
وَ إِذا سَألَک عِبادی عَنِّی فَإِنِّی قَریبٌ أُجیبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْیسْتَجیبُوا لی وَ لْیؤْمِنُوا بی لَعَلَّهُمْ یرْشُدُونَ (بقره/186)
الملاحظات التالیة مقتبسة من تفسیر المیزان فی شرح هاتین الآیتین السابقتین:
الدعاء و الدعوة توجیه نظر المدعو نحو الداعی، و السؤال جلب فائدة أو در من المسئول یرفع به حاجة السائل بعد توجیه نظره، فالسؤال بمنزلة الغایة من الدعاء بناءاً علی هذا فنتیجة الدعاء هی التوجّه إلی الله و التقرب إلیه و النتائج الأخری متفرّعة منه.
و کما یفهم من الآیتین إنّ کون الداعین عباداً لله تعالی هو الموجب لکونه تعالی قریباً منهم علی الإطلاق و أقرب إلیهم، و قربه منهم هو الموجب لإجابته المطلقة لدعائهم و إطلاق الإجابة یستلزم إطلاق الدعاء فکل دعاء دعی به فإنه یستجیبه.
أن وعد الإجابة المطلقة، إنما هو إذا کان الداعی داعیا بحسب الحقیقة مریدا بحسب العلم الفطری و الغریزی مواطئا لسانه قلبه، فإن حقیقة الدعاء و السؤال هو الذی یحمله القلب و یدعو به لسان الفطرة، دون ما یأتی به اللسان الذی یدور کیفما أدیر صدقا أو کذبا جدا أو هزلا حقیقة أو مجازا، و لذلک تری أنه تعالی عد ما لا عمل للسان فیه سؤالا. فلذلک نجد لتوافق الدعوات القلبیة و الباطنیة مع الدعوات اللسانیة أهمیّة خاصّة، فیجب علی کلّ شخص أن یهتم بالبعد المعنویّ للدعاء أکثر منه إلی البعد الظاهریّ و یُوجه مسئلته إلی تلقّی الرحمة الخاصّة و رفع موانع الهدایة و یوکّل قضاء الحوائج المادیّة إلی الإله المدبّر.
و فی الختام یجدُرُ بنا ذکرُ عدةِ ملاحَظات:
الأول: أکثر أدعیة هذه المجموعة قد نُقلت کما کانت فی جو صدورها حتّی یساعد هذا الجو فی فهم المخاطب للروایة.
الثانی: إن الأخ صادق عباسی و الأختین انسیه برومند و سمیه کوهدار اهتموا بترجمه الروایات و إصلاح الأسانید اهتماما کبیرا الذی أسفر إلی إرتقاء مستوی الترجمه و اعتبار مراجع مصادر الأدعیه. هذه المراجعه تشمل عامة الروایات إلا حدیث الکساء الشریف و الخطبة الفدکیة اللتین أعید النظر فیهما سابقا
الثالث: فی الباب السادس – مع عدم السابقة فی الکتب المماثلة – قد ذُکر حدیث الکساء الشریف. و رُوی هذا الحدیث عن حضرة الزهراء (س) ویؤید نصُّه علی ذکره فی محافل الشیعة لرفع الهموم و قضاء حوائجهم.
رابع: وقد زینت خاتمة الکتاب بالخطبة الفدکیة الشریفة التی تُعتَبر دعاءاً عملیّاً لِما فیها من نضال ضد الطاغوت.
خامس: و قد أضیفت إلی هذه المجموعة أدعیة جدیدة و هی نتیجة بحث الأخ الکریم علی المکی فی مصادر إخواننا أهل السنة.
و اخیراً نلتمس من جمیع القُراء، الدعاء و نتقبل اقتراحات و إنتقادات الأصدقاء لتکمیل وترجمة الأدعیة و الروایات و نعتذر إلی حضرة الزهراءبسبب قصورنا فی أداء حقّها.»
ثبت دیدگاه
دیدگاه کاربران